مستثمر صيني على الخط .. خوصصة إستغلال فواضل الفسفاط وسياسة «حصان طروادة»..

شركات البيئة والغراسة قدمت مشروع استغلال فواضل الفسفاط لشركة فسفاط قفصة غير انها رفضت

– جامعة المناجم والاتحاد الجهوي للشغل:  «تركيز وحدات صناعية لاستغلال فواضل الفسفاط هو تمهيد لخوصصته وتدمير لشركة فسفاط قفصة»

لم تجد فكرة مشروع تركيز وحدات صناعية لاستغلال فواضل الفسفاط بمنطقة الحوض المنجمي الذي تم طرحه من قبل رئاسة الحكومة يوم 29 نوفمير 2019، قبولا من قبل الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة والجامعة العامة للمناجم ولا من قبل أعوان وإطارات شركات البيئة والغراسة والبستنة.  وكردة فعل أولية أصدرت الهياكل النقابية بيانا موحدا اشارت خلاله الى ان المشروع لا يمثل سوى بداية «طريق لوضع موطئ قدم داخل الحوض المنجمي»، والتسرب تدريجيا لقطاع انتاج الفسفاط و»السيطرة التدريجية عليه، تمهيدا لخوصصته وتدمير شركة فسفاط قفصة كمؤسسة عمومية»، وابدى الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة معارضته بشدة ووضوح لما اعتبره «مخططا» معلنا رفضه وجامعة المناجم لاي شكل من اشكال خوصصة قطاع انتاج الفسفاط لما لذلك من تداعيات سلبية اقتصادية واجتماعية.

نشاط شركات البيئة والغراسة
من جانبه أوضح الأمين مشيخي كاتب عام إطارات شركة البيئة والغراسة والبستنة بالرديف في ترصيحه لـ «الصباح»، ان فكرة المشروع التي تقدم بها اليوم مستثمر صيني بشراكة تونسيين لرئاسة الحكومة وحملت عنوانا كبيرا «تخليص الحوض المنجمي من فواضل الفسفاط الملوثة للبيئة وتثمينها عبر اعادة رسكلتها»، هي في الاصل دراسة مشروع تقدمت به شركة البيئة والغراسة والبستنة منذ اكتوبر 2016 لشركة فسفاط قفصة ووزارة الطاقة والمناجم وتمت الموافقة عليه.
وما اثار ريبتهم وعديد التساؤلات لديهم، هو التوجه الى تفويت شركة فسفاط قفصة في ما يعتبر نشاطا أساسيا لشركات البيئة والغراسة والبستنة، والذي تم التنصيص عليه بكل وضوح في الرائد الرسمي ويقول ان المهام الرئيسية لشركات البيئة والغراسة هو «القيام بجميع الانشطة البيئية الناجمة عن الانشطة الصناعية عن شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي».
وبين كاتب عام إطارات شركة البيئة والغراسة والبستنة بالرديف، ان الاجراءات التي اعتمدها المستثمر الصيني ودراسة الجدوى التي تقدم بها للبنوك من اجل الحصول على قروض لتركيز مشروعه في منطقة الحوض المنجمي يمكن ان تقوم بها شركات البيئة والغراسة.
وتضمن بالتالي شركة فسفاط قفصة اولا تفعيل نشاط شركات البيئة والغراسة والبستنة الذي يمثل مطلبا اجتماعيا حمله 13 الفا و500 بين عون واطار داخل الشركات الثلاث في قابس وصفاقس وقفصة منذ سنوات، وثانيا تضمن ان يتم تثمين فواضل الفسفاط من قبل شركة تعود لها بالنظر فلا تخلق شركة منافسة لها يمكن ان تتحول الى مهدد لنشاطها وبدل ذلك تضمن لها مرابيح اضافية من اكداس الفسفاط المجمعة لديها منذ 130 سنة خلت بدل ان تمثل عبئا لاجور ما قيمته 136 مليون دينار في السنة.
مخزون استراتيجي
وأفاد الأمين مشيخي، ان فواضل الفسفاط التي يقدر حجمها بمليارات الاطنان ( 24 مليون طن فواضل سنويا على امتداد 130 سنة انتاج للفسفاط) اعتبرتها شركة فسفاط قفصة طيلة سنوات كمخزون استراتيجي، ورفضت في اكثر من مرة طلبات اعادة استغلالها من قبل مستثميرن اجانب وخاصة صينيين.
ويفسر مشيخي انه تقنيا تعتبر الفواضل مخزونا استراتيجيا، نظرا لانها تحتوى في الاصل على نسبة بين الـ15 و25% من الفسفاط التجاري يمكن استخراجها اذا ما اعيد غسلها بآلية الغسل المتطورة والتي تعتمدها شركة فسفاط قفصة في الاصل في وحدتان نموذجيتان يوجدان في معتمديتي المتلوي والمظيلة.
وعلى الارجح لم تقم شركة فسفاط قفصة بتعميم طريقة الغسل المتطورة والتي جربت الشركة نجاعتها منذ سنوات الالفين، نظرا لان آلية غسل تستهلك الكثير من الماء وتعتمد على اضافات كيميائية.
خطر على الشركة..
واشار الامين مشيخي إلى ان تركيز مثل هذه الوحدات الخاصة في منطقة الحوض المنجمي سيمثل تهديدا مباشرا لشركة فسفاط قفصة، فهي ستكون وحدات منتجة للفسفاط باقل التكاليف وقادرة على بيعه باسعار تنافسية مقارنة بشركة فسفاط قفصة. ففي الوقت الذي ستقتصر فيه تكلفة انتاج طن من الفساط لهذه الوحدات على نقله من مواقعه مع غسله تتضمن كلفة الطن بالنسبة لفسفاط قفصة، الاستخراج والنقل واجور العمال والغسل..  واعتبر كاتب عام نقابة شركة البيئة والغراسة بالرديف ان تركيز مثل هذه الوحدات في الحوض المنجمي سيكون مثل حصان طروادة الذي سيدمر شركة فسفاط قفصة من الداخل.
بدوره بين خالد طبابي، باحث في علم الاجتماع وصاحب دراسة «الرهانات الاجتماعية والاقتصادية للتشغيل الهش شركات البيئة والغراسة والبستنة بالحوض المنجمي نموذجا»، ان تركيز مثل هذه الوحدات من قبل الخواص سيكون بمثابة التحيل على المطالب الاجتماعية لعمال واطارات شركات البيئة والغراسة والبستنة الذين دعوا الى تفعيل نشاطهم المنصوص عليه في الرائد الرسمي والذي يتلخص في مقاومة التلوث البيئي في المنطقة وتحيل على شركات البيئة والغراسة التي تقدمت بنفس المشروع وابدت استعدادها للعمل.
واعتبر طبابي انه على غرار ما وقع في ملف نقل الفسفاط الذي توجهت فيه شركة فسفاط قفصة الى النقل الخاص بكلفته الباهظة والذي يستفيد منه الخواص بدل ان تعمل على تحسين وضعية السكك الحديدية وضمان كلفة اقل وتدعيم شركة السكك الحديدية كمؤسسة عمومية..
ويرى خالد الطبابي ان تركيز مثل هذه الوحدات في منطقة الحوض المنجمي ستكون لها تداعيات، ديمغرافية اين سيقصي ذلك الحجم الكبير لليد العاملة المتواجدة داخل شركات البيئة والغراسة ويبقيها خارج حلقة انتاج شركة فسفاط قفصة. فضلا عن تداعيات اقتصادية واجتماعية اين ستبقى كتلة اجور عمال واطارات شركات البيئة والغراسة على عاتق شركة فسفاط قفصة خارج دورة الانتاج.. وسيكون تركيز هذه الوحدات الخاصة ضربا لشركة فسفاط قفصة وتجل من تجليات الفساد الحقيقي داخل شركة فسفاط قفصة.
وستكون هذه الوحدات الخاصة احد مظاهر هدر المال العام وطريق لحرمان الجهة من رهانات اقتصادية واجتماعية واحد اسباب اندلاع موجة من الاحتجاجات والمعارضة النقابية في جهة قفصة والحوض المنجمي بالاساس.

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.