رغم تراجع الاقتراض الداخلي بـ3 مليار دينار.. الدين العمومي يلامس الـ12 مليار دينار ويعادل ربع ميزانية الدولة

أثار حجم الدين العمومي المبوّب في مشروع قانون المالية لسنة 2020 جدلا واسعا بين التونسيين بعد أن لامس حدود الـ12 مليار دينار ضبطتها الحكومة في السنة المقبلة بـ11678 مليار دينار، بما يعادل ربع ميزانية الدولة لسنة 2020، موزعة بين ما يناهز الـ3 مليار دينار في شكل قروض داخلية و9 مليار دينار ستتم تعبئتها من الخارج، مسجلة زيادة بنسبة 18.27 بالمائة في ما بين سنوات 2018، 2019 و2020.

وتدخل بلادنا بهذا الرقم «المخيف» في حلقة خطيرة لم تتخلص منها منذ ما يزيد عن الثماني سنوات، باعتبار أن الحكومات المتعاقبة التي تلت ثورة 14 جانفي -على اختلافها- اعتمدت آلية التداين لتمويل ميزانياتها بهدف تغطية جل مصاريفها العمومية والتي على رأسها أجور الموظفين، حتى أصبحت المسالة ضرورة لا مناص منها وسرعان ما توسعت دائرة الاقتراض حتى تصبح أزمة حقيقة لها تداعيات وخيمة ستلقي بظلالها في المستقبل على الأجيال القادمة.
ديون تونس ستصل إلى 97 مليار دينار
وبلغ الدين العمومي لتونس مستوى 82.6 مليار دينار، في موفى شهر جوان 2019، مقابل 72.4 مليار دينار، خلال الفترة نفسها من سنة 2018، ونحو 81.3 مليار دينار موفى سنة 2018، وفقا «للنتائج المؤقتة لتنفيذ ميزانية الدولة في موفى شهر جوان 2019»، حسب نشرية أصدرتها وزارة المالية حول الدين العمومي.
وأشارت الوزارة، في النشرية ذاتها، إلى زيادة حجم الدين الخارجي من إجمالي الدين العمومي إلى 71.1 بالمائة، مع موفى جوان 2019، مقابل 68.9 بالمائة، في 2018، ليصل إلى 58.7 مليار دينار. في حين تراجع حجم الدين الداخلي إلى 28.9 بالمائة مقابل 31.9 بالمائة، موفى جوان 2018، ليبلغ 23.9 مليار دينار.
وفي مرحلة موالية، أكدت الحكومة استنادا إلى الأرقام الأخيرة والفرضيات التي اعتمدتها في صياغة مشروع قانون المالية الجديد أن نسبة التداين الخارجي ستبقى في بلادنا مرتفعة جدا رغم تراجع القروض الداخلية بحوالي 3 مليار دينار تونسي مقارنة بسنة 2019.
ليصل بذلك مجموع الديون إلى ما يناهز الـ33.5 مليار دولار أمريكي مع نهاية العام 2020، أي أكثر من 93 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد التونسية. وتعتبر هذه النسبة مرتفعة جدا لما سيكون لها من تداعيات سلبية في الأيام القادمة خاصة على مجالات التنمية في البلاد، والتي أهمها خسارة ما يناهز الـ1.7 بالمائة في نسبة النمو الاقتصادي بمجرد تجاوز التداين الخارجي بنقطة واحدة فوق نسبة 77 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
ولم تكن توقعات البنك الدولي بعيدة عن أرقام الحكومة، حيث أكد البنك الدولي في تقريره الأخير الخاص بالتداين الخارجي عبر العالم في شهر أكتوبر 2019، أن حجم الديون الخارجية المتخلدة بذمة الدولة التونسية تناهز الـ34.6 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 97 مليار دينار تونسي.
مصادر تمويل جديدة للخروج من الأزمة
وتعمل الحكومة على لسان وزير المالية رضا شلغوم على التقليص من نسبة المديونية بحوالي النقطتين في إطار خطتها من اجل تطهير المالية العمومية حتى لا تتجاوز المديونية العمومية لتونس الـ74 بالمائة، ساعية ابتداء من السنة المقبلة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة..
فبالرغم من تحسن موارد الدولة الذاتية في السنة الجارية، إلا أنها مازالت لا تمثل مصادر تمويل قوية لميزانية الدولة، وتمكنت الدولة من تعبئة موارد ذاتية في حدود الـ8075.8 مليون دينار مسجلة زيادة بنسبة 17.1 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية، وارتفعت فيها المداخيل الجبائية إلى 7324.1 مليون دينار بزيادة تناهز الـ22.1 بالمائة، في حين ارتفعت نفقات التصرف بنسبة 17.6 بالمائة لتصل إلى حدود الـ6099.5 مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من سنة 2018 وذلك باعتبار المبالغ الممنوحة لفائدة دعم المحروقات، وبلغت المداخيل غير الجبائية المستخلصة إلى موفى مارس 2019 ما قدره 752 م د مقابل 899 م د في موفى مارس 2018، أي بتراجع قدره 147 م د.
كما حددت الحكومة في مشروع قانون المالية الجديد ابرز موارد ميزانية الدولة والتي من المنتظر أن تتأتى من تطور المداخيل الجبائية بـ9.2 بالمائة لتبلغ 31759 م د موزعة على الأداءات المباشرة لحد 13662 م د والأداءات غير المباشرة لحد 18097 م د مع تعبئة 3800 م د بعنوان مداخيل غير جبائية تنقسم إلى 1250 م د بعنوان مداخيل النفط والغاز و1389 م د بعنوان عائدات المساهمات و150 م د بعنوان مداخيل الأملاك المصادرة، فضلا عن تعبئة 300 م د متأتية من الهبات الخارجية.
وتبقى مواجهة التداين من اكبر تحديات الحكومة القادمة، حتى لا تكون مسيّرة في قراراتها مع المؤسسات المانحة في مسالة الاقتراض، وتصبح مخيّرة لتقترض فقط ما تحتاجه من تمويلات وتوجهها مباشرة إلى التنمية والاستثمار، وبالتالي تكون قد قلصت من نزيف التداين الذي اخل بكل التوازنات المالية للبلاد.

أرقام عن حجم التداين التونسي

11678 مليار دينار حجم الدين العمومي
3 مليار دينار قروض داخلية
9 مليار دينار تعبئة من الخارج
71.1 بالمائة زيادة حجم الدين الخارجي من إجمالي الدين العمومي
93 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي قيمة الديون
1.7 بالمائة خسارة في نسبة النمو الاقتصادي
97 مليار دينار حجم الديون الخارجية حسب البنك الدولي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.