التونسي ورأس السنة بين محتفل ورافض..

مع‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬وحلول‭ ‬أخرى،‭ ‬يكثر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬عادات‭ ‬التونسي‭ ‬والإحتفال‭ ‬بالسنة‭ ‬الادارية‭ ‬الجديدة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تباين‭ ‬الآراء‭ ‬حولها‭ ‬بين‭ ‬كثيرين‭ ‬مع‭ ‬الإحتفال‭ ‬وقلة‭ ‬ضد‭ ‬الظاهرة‭. ‬
من‭ ‬بين‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬ رأي‭ “‬أكرم‭ ‬قدرات‭” ‬شاب‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬يجعله‭ ‬يحتفل،‭ ‬فهو‭ ‬يوم‭ ‬عادي‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬الأيام‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يميزه‭. ‬مثله‭ ‬مثل‭ “‬خميس‭” ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬لا‭ ‬يحتفل‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬معتبرا‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬عاداتنا‭  ‬وما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬تقليد‭ ‬أعمى‭ ‬للغرب،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬إحتفاله‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬يحتفلون،‭ ‬بل‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭  ‬تونس‭ ‬تتسع‭ ‬للجميع‭ ‬وتضمن‭ ‬جميع‭ ‬الحريات‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬مظاهر‭ ‬الإحتفال‭ ‬بصفته‭ ‬سائق‭ ‬تاكسي‭ ‬لا‭ ‬يراها‭ ‬إلا‭ ‬عند‭ ‬أصحاب‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بذلك‭ ‬حسب‭ ‬تعبيره‭. ‬فيما‭ ‬أكدت‭  “‬مروى،‭ ‬تقنى‭ ‬سامي‭ ‬بشركة‭” ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحتفل‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬لكن‭  ‬لا‭ ‬تعارض‭ ‬فكرة‭ ‬من‭ ‬يولى‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬بالعيد‭ ‬حتى‭ ‬يحظى‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬التهافت‭ ‬على‭ ‬المساحات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التسوق‭ ‬والتحضير‭ ‬له‭.‬
على‭ ‬عكس‭ ‬البقية،‭ ‬إعتبر‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬عمار،‭ ‬أن‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الادارية‭ ‬فرصة‭ ‬للإحتفال‭ ‬والإجتماع‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الروتين،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭  ‬يشهده‭ ‬يومه‭ ‬من‭ ‬إكتظاظ‭ ‬وحاجته‭ ‬ليوم‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الراحة‭ ‬والإحتفال،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬مناسبة‭ ‬لتقييم‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تحقيقه‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬تحقيقة‭ ‬وما‭ ‬يتمناه‭ ‬للتي‭ ‬تليها‭.‬
من‭ ‬جانبها‭  ‬قالت‭ “‬سميرة‭” :”‬أرى‭ ‬أن‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الادارية‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬نهاية‭ ‬لسنة‭ ‬بما‭ ‬ستحمله‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬ذكريات‭ ‬ونجاحات‭ ‬وإخفافات،‭ ‬وبداية‭ ‬لأخرى،‭ ‬ولما‭ ‬لا‭ ‬نبدأها‭ ‬بالإحتفال‭!”‬،‭ ‬معتبرة‭ ‬بدورها‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬للإجتماع‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬ربما‭ ‬منعتهم‭ ‬أتعاب‭ ‬العمل‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬ومشاركة‭ ‬العائلة‭ ‬الأحاديث،‭ ‬متسائلة‭:”‬كم‭ ‬عدد‭ ‬المناسبات‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭ ‬وتجعلنا‭ ‬نفرح‭ ‬ونحتفل‭ ‬حتى‭ ‬نتبرأ‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الادارية‭ ‬ونرفض‭ ‬الإحتفال‭ ‬به‭”‬،‭ ‬مؤكدة‭  ‬أنها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المحتفلين‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬نكهة‭ ‬خاصة‭ ‬عندها،‭ ‬لكن‭ ‬اختارت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬الإحتفال‭ ‬برأس‭ ‬السنة‭ ‬الادارية‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬رفقة‭ ‬العائلة‭ ‬وبإستضافة‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬العادة‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إختيار‭ ‬مكان‭ ‬لقضاء‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬نظرا‭ ‬لسوء‭ ‬التنظيم‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬والظروف‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬حسب‭ ‬تعبيرها‭. ‬
من‭ ‬جهتها،‭ ‬عبرت‭ “‬فوزية‭” ‬امرأة‭ ‬ستينية،‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬لهذه‭ ‬العادات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنتشر‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬وأصبحنا‭ ‬ضرورة‭ ‬ملزمين‭ ‬على‭ ‬الإحتفال‭ ‬بها،‭ ‬بل‭ ‬والأدهى‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬مناسبة‭ ‬للتباهي‭ ‬ومحاولة‭ ‬إظهار‭ ‬من‭ ‬يسرف‭ ‬أكثر،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬دخيلة‭ ‬علينا‭ ‬ولا‭ ‬تعنينا‭ ‬وليست‭ ‬من‭ ‬تعاليم‭ ‬ديننا‭. ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬فنده‭ “‬رضا‭ ‬دربال‭” ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬حتى‭ ‬بتسميتها‭ ‬مناسبة‭ ‬معتبرا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعنينا‭ ‬ولها‭ ‬مجتمعات‭ ‬تحتفل‭ ‬بها‭ ‬وليس‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي،‭ ‬معتبرا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬التونسيين‭ ‬كمناسبة‭ ‬ضرورية‭ ‬للاحتفال‭ ‬بها‭ ‬وإلا‭ ‬فأنت‭ ‬لست‭ ‬مواكبا‭ ‬لعصرك،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬فرضت‭ ‬لأسباب‭ ‬تجارية‭ ‬وإقتصادية‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬قيمة‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬ثقافة‭ ‬ليست‭ ‬بثقيفتنا،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره‭.‬
وهناك‭ ‬من‭ ‬إرتبط‭ ‬مفهوم‭ ‬الإحتفال‭ ‬لديهم‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬العاطفة‭ ‬والبساطة‭ ‬مثلوا‭ ‬النسبة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬مستجوبينا،‭ ‬حيث‭ ‬عبر‭ ‬بعضهم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحتفل‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬لكنه‭ ‬يجهز‭ ‬عشاء‭ ‬عاديا‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬العادة‭ ‬ليلة‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الحلويات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭. ‬من‭ ‬جهتهم‭ ‬أكد‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أنهم‭ ‬يجتمعون‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬ليلة‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬ويتقاسمون‭ ‬الفرحة‭ ‬وأطيب‭ ‬الأماني‭ ‬لكنهم‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬بمحتفلين‭. ‬من‭ ‬جهتها‭ “‬سوسن،‭ ‬موظفة‭ ‬بشركة‭ ‬خاصة‭” ‬إعتبرت‭ ‬أن‭ ‬إحتفالها‭ ‬بدافع‭ ‬ارضاء‭ ‬اطفالها‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بالحرمان‭ ‬منددة‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬وغيرها،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬كغيرها‭ ‬مناسبات‭ ‬للتفاخر‭ ‬وإظهار‭ ‬البذخ،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬المسألة‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬والفئات‭ ‬الهشة‭. ‬
‭ ‬ويذكر‭ ‬أن‭ ‬مظاهر‭ ‬الإحتفال‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬التونسية‭ ‬والمساحات‭ ‬الكبرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شهدناه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحلات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بتزيين‭ ‬واجهاتها،‭ ‬وفي‭ ‬سلوكيات‭ ‬عموم‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الهدايا،‭ ‬وكذلك‭ ‬الامر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقنوات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬البرامج‭ ‬للإحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعي‭ ‬التي‭ ‬ضجت‭ ‬بشتى‭ ‬الصور‭ ‬وعبارات‭ ‬التهنئة،‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملات‭ ‬النظافة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتخذها‭ ‬عديد‭ ‬البلديات‭ ‬تحضيرا‭ ‬لهذه‭ ‬المناسبة،‭  ‬وكذلك‭ ‬الإستعدادات‭ ‬الأمنية‭ ‬الحثيثة‭ ‬الساعية‭ ‬للسهر‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة،‭  ‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬إضافية‭ ‬نظرا‭ ‬للحركية‭ ‬الكبيرة‭  ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬والتي‭ ‬يرافقها‭ ‬توافد‭ ‬لعديد‭ ‬الزوار‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬شقيقة‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬إختاروا‭ ‬وإعتادوا‭ ‬قضاء‭ ‬ليلة‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الادارية‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬
ولئن‭ ‬تنوعت‭ ‬الآراء‭ ‬وإختلفت‭ ‬بين‭ ‬محتفل‭ ‬ورافض،‭ ‬تبقى‭ ‬النقطة‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬هي‭ ‬مدى‭ ‬إحترام‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭  ‬لسلوكيات‭ ‬الآخر،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬الإحتفال‭ ‬بالمناسبات‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لمسناه‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬كلمات‭ ‬مستجوبينا،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يبرهن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬تأكيد‭ “‬خميس‭” ‬بأن‭ “‬تونس‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬حجمها‭ ‬فهي‭ ‬تتسع‭ ‬للجميع‭ ‬بجميع‭ ‬إختلافاتهم‭ ‬والذين‭ ‬لا‭ ‬نكن‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬الإحترام‭”.‬

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.