توقعات ألا ترى النور.. والسبب غضب الشيخ / هل تسقط “حكومة الجملي” قبل الذهاب إلى التصويت؟

على عكس التوقعات فإن طريق رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي “مسدود مسدود”، بعد أن عجز عن ضمان الحد الأدنى السياسي حول حكومته المحتملة والتي تبدو وفقا لمعطيات متقاطعة قد لا ترى النور اصلا حتى قبل الذهاب إلى البرلمان.
موقف الجملي بات متوترا مع وجود تسريبات عن تململ داخل حركة النهضة والتي انقسم عناصرها بين مؤيد لخيارات المكلف وبين رافض لها في ظل القفزة البهلوانية التي اعتمدها رئيس الحكومة الحبيب الجملي خلال ندوته الصحفية الأخيرة وانتهاجه لمبدأ حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن الاحزاب وهو ما يتعارض مع الخيار الحزبي التي دخلت للبرلمان للحكم وتنفيذ برامجها الانتخابية.
ويفهم مما سبق أن رئيس الحكومة المكلف اما انه لم يستوعب مفهوم حكومة كفاءات وطنية أو أنه حاول الانقلاب على حركة النهضة التي اختارته لتشكيل حكومة وطنية جامعة.
هل تمرد الجملي على النهضة ؟
ياتي هذا الموقف مع تقاطع الانباء الواردة من مونبليزير والتي تدعم الراي السائد داخل كواليس السياسة بأن الجملي انقلب على النهضة إذ أن ذهابه إلى حكومة مستقلة عن الاحزاب يعني بالضرورة حرمان النهضة من حقها في التوزير على اعتبار أنها الحزب الفائز في الانتخابات والجهة المخولة دستوريا لتكوين الحكومة.
واذا ما افترضنا جدلا حسن نية الجملي في التعاطي مع مفهوم حكومة كفاءات وطنية مستقلة وأنه اختارها اعتقادا منه بأن ذلك قد ينجو من مقصلة الخلافات الحزبية بين النهضة وتحيا تونس وحركة الشعب والتيار الديمقراطي ويضع حكومته في طريق مفتوح فإن هكذا موقف لا يمكن وصفه الا بالمتسرع وهو ما ادخله في نفق الاختلافات لا مع حركة النهضة الرافضة اصلا لهكذا توجه بل ايضا مع رئيس الجمهورية بعد دعوته للمكلف بمزيد مراجعة حكومته والحال انها دعوة ضمنية لمراجعة الموقف والشكل الحكومي المطلوب قبل الذهاب إلى باردو.
وإذ يبقى حسن النية موجودا رغم ان هذا الركن لا يتوفر كثيرا في التعاطي السياسي فانه يمكن القول ان الجملي قد سحب البساط امام النهضة التي اخرجته من الخفاء ودفعت به الى الواجهة الامر الذي أحرجها أمام انصارها وناخبيها حيث مشاركة الحركة في الانتخابات التشريعية كان على قاعدة ان تحكم لا ان تركن على الرفوف.
ويدرك الجملي ان ضمانات المرور والاستقرار تمر عبر نواب النهضة وبقية الشركاء وبما أن المكلف قد اعفى الاحزاب فكيف له ان يتصرف وكيف له أن يقنع الكتل البرلمانية للتصويت له وحكومته وتجنيبه “التمرميد” امام جلسة عامة ستنتهي بالضرورة بالاطاحة به والعودة بالجميع إلى النقطة صفر؟
وقد حاول الجملي أمس نفي كل ما تناقلته الكواليس السياسية بالتأكيد على أنه مازال يحظى بالدعم النهضوي اللازم، ويبدو واضحا أنه يحاول تهدئة الوضع من حوله بعد تداول كبير لغضب “الشيخ” الذي لم يتقاطع هذه المرة مع توجهات المكلف واختلفا حول طبيعة الحكومة وفي هذا السياق أكد راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب اشعب في تصريح  يوم الثلاثاء 24 ديسمبر الجاري أن حكومة الكفاءات الوطنية ستنال تأييد مجلس النواب أكثر من أي حكومة أخرى قد تعرض على البرلمان.
وفسر الغنوشي ذلك بأن تشكيل حكومة منفتحة ومفتوحة للجميع دون اقصاء سيساعدها لنيل أغلبية الـ 109 أصوات اللازمة، مضيفا أن الأفضل لتونس في الوقت الحالي هو تكوين حكومة كفاءات وطنية مفتوحة لكل الأحزاب والتيارات والمستقلين والمنظمات ومختلف مكونات المشهد السياسي والجمعياتي على أن تخدم مصالح كل التونسيين دون استثناء.
ورغم مرور نحو أسبوع على تصريح الغنوشي وتاجيل قيس سعيد للاعلان الحكومي فإن الجملي واصل سيره دون الانتباه إلى المفاهيم التي أطلقها زعيم النهضة ورئيس الدولة بالتأكيد على أنها حكومة كفاءات وطنية دون اقصاء.
ولكنه لم ينتبه إلى الإشارات فقد أعادت النهضة اشعال الضوء الاحمر مجددا من خلال تدوينة النائب عن ايطاليا ناجي الجمل  كشفت ضمنيا ان الحركة قد لا تصوت للجملي. وأكد النائب عن حركة النهضة وعضو مجلس الشورى، الجمل امس”ان حركة النهضة لن تتحمّل مسؤولية حكومة لن تشارك فيها…”، وقال : “لن نتحمّل تبعات خيارات غيرنا…”.
وأشار في السياق ذاته في تصريح لاذاعة “الجوهرة” الى ان مجلس شورى النهضة سيكون له القرار بشأن التصويت عن الحكومة.
فهل يتراجع الجملي عن حكومته المستقلة ضمانا للمرور؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.